الخميس 21/11/2024
01:25 بتوقيت المكلا
الثابت - المتغير في أولويات ومبادئ السياسة الخارجية للجمهورية اليمنية

تكتسب السياسة الخارجية مكانة وأهمية خاصة في المنظومة السياسة للجمهورية اليمنية باعتبارها تواصلا منطقيا وترجمة للسياسة الداخلية، وهي تقوم على أساس خدمة وتهيئة الظروف المناسبة لتحديث المجتمع اليمني على قاعدة الخيار الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، وإطلاق طاقات المجتمع الإبداعية والخلاقة، وصيانة الأمن الوطني، والحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي اليمنية، وبناء القدرات الذاتية اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، وخلق علاقات تعاون مثمر مع الأشقاء والأصدقاء، بما يحقق المصالح المشتركة والمصلحة الوطنية العليا، والحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي والعالمي.
وتضطلع الدبلوماسية اليمنية بدور نشط وفعال على المستوى الإقليمي والعربي والدولي، وما كان لهذا الدور أن يتأتى إلا كانعكاس لإنجازات وطنية داخلية حققتها دولة الوحدة المباركة متجاوزة الصعوبات والتحديات التي واجهت مسيرتها خلال سنوات قيامها الأولى، ويمكن تبيان المنجزات الكبيرة لدولة الوحدة على النحو التالي:
• الحفاظ على وحدة وسلامة اليمن والقضاء على كافة المخاطر التي تهدد سيادته. واستقلال القرار السياسي اليمني.
• استقرار الحياة السياسية ورسوخ النظام السياسي الديمقراطي القائم على التعددية السياسية، واحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير، ورسوخ المؤسسات التمثيلية الديمقراطية، وتحقيق خطوات هامة نحو اللامركزية الإدارية.
•  تحقيق الاستقرار الأمني، ومواصلة الجهود الوطنية لاستئصال ظاهرة الإرهاب والتطرف والغلو وتكريس فكر الاعتدال والوسطية والتسامح، التي أكد عليها الميثاق الوطني.
• التقدم في الجهود الوطنية لتحقيق الإصلاح الاقتصادي الشامل، وإعادة هيكلة الاقتصاد، وتوفير المزيد من فرص العمل، وتطوير مشاركة قطاع الأعمال في التنمية.
• العمل على استكمال ترسيم الحدود الدولية البرية والبحرية مع كافة الدول المجاورة بالطرق السلمية.
• دخول اليمن إلى مؤسسات مجلس التعاون الخليجي، وقيادة مبادرة بناء الشراكة القرن أفريقية الجديدة. والسعي إلى تأطير علاقات اليمن مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من المنجزات الكبيرة التي حققتها اليمن إلا أنها كانت عرضة للتأثيرات السلبية التي ترتبت عن التطورات الدولية والإقليمية وتحديدا خلال نهاية العقد الأخير من القرن العشرين، شأنها في ذلك شأن الدول الأخرى في الإقليم والمنطقة والعالم. فبعد نهاية الحرب الباردة، شهدت العلاقات الدولية تحولات عميقة غير مسبوقة انعكست على جوانب الحياة السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وجاءت أحداث الـ11 من سبتمبر2001 التي تعرضت لها الولايات المتحدة لتلعب دورا مسرعا في عملية تكريس نظام القطب الواحد، وذلك بتوفير كافة المبررات السياسية والأمنية والعسكرية والقانونية لانفراد الولايات المتحدة باتخاذ القرارات من جانب واحد في القضايا الإقليمية والدولية الهامة، والخروج عن النظام الدولي الذي تشكل عقب الحرب العالمية الثانية.
لقد كانت آثار أحداث 11 سبتمبر كبيرة على الأوضاع في المنطقة، حيث دفعت إلى إعادة ترتيب الأولويات في السياسة الإقليمية بفعل تأثيرات السياسة الأمريكية المباشرة في المنطقة. وعلى الرغم من أنها لم تتمكن من إلغاء أولويات المنطقة إلا أن القضية الفلسطينية كانت ومازالت المتضرر الأكبر من جراء المتغيرات التي حدثت على الصعيد الدولي، وتضاعفت تلك الأضرار مع التوجهات الأمريكية لإعادة تشكيل المنطقة سياسيا واستهدافها للعراق ودولا عديدة أخرى في المنطقة، وتعرض العمل العربي المشترك ومؤسسة الجامعة العربية لوهن وضعف شديدين من جراء عدم توفر العزيمة السياسية لدى العديد من الأنظمة العربية لمعالجة التحديات التي تواجه المنطقة عبر العمل الجماعي.
وكان لليمن نصيب من التأثيرات السلبية للمتغيرات الإقليمية والدولية شأنها في ذلك شأن دول الإقليم والمنطقة. ويمكن التركيز على المحاور الاقتصادية والسياسية والأمنية لقياس الأثر السلبي للتطورات في المنطقة والعالم على بلادنا:
• ففي الجانب الاقتصادي، ظهرت التأثيرات السلبية لتطورات الأحداث الدولية وامتداداتها الإقليمية بشكل ملموس على الأوضاع الاقتصادية للجمهورية اليمنية، ففي الوقت الذي تواصلت جهود الحكومة اليمنية في تنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي الشامل، وإزالة التشوهات الإدارية والمالية، وتكثيف الجهود الرسمية لمواجهة آثار الفقر، تسببت الأعمال الإرهابية التي تعرضت لها الجمهورية اليمنية في تضرر الاقتصاد الوطني وبرامج التنمية، وتوقف السياحة، وشح تدفق الاستثمارات الخارجية إلى اليمن، وتعرضت الموانئ اليمنية لضغوطات كبيرة من جراء رفع رسوم التأمين على حركة النقل البحري التي تمر ببلادنا وتستخدم موانئنا الوطنية.
• وفي الجانب السياسي، فقد كانت للتحولات السياسية التي حدثت، وتزايد الأعمال الإرهابية أضرارا سياسية كبيرة بسمعة اليمن ومكانتها الإقليمية ووصل الحد ببعض الأطراف المعادية إلى وصمها بوكر لتنظيم القاعدة وأتباعه، وملاذا محتملا لقياداته الهاربة من أفغانستان، إلا أن السياسة الحكيمة لقيادتنا السياسية وتحركها الدبلوماسي الفاعل في الساحة الدولية لمواجهة الظاهرة، وتحديد موقف مبكر إلى جانب المجتمع الدولي لمحاربة ظاهرة الإرهاب ورفض أن تكون تعبيرا عن ثقافتنا الإسلامية السمحاء، مكن اليمن من استعادة المبادرة والمكانة الإقليمية والحد من تأثيرات هذه الظاهرة على السياسة اليمنية والدفاع عن المصالح الوطنية العليا للجمهورية اليمنية.
• أما في الجانب الأمني والعسكري، شكلت الأعمال الإرهابية عامل ضغط على القدرات الأمنية لليمن، وأدت إلى إضافة أعباء مالية كبيرة على موارد اليمن الشحيحة، لوجود ضرورة ملحة لتطوير القوات المسلحة والأمن وقدرات مكافحة الإرهاب في البر والبحر، مما يعني توجيه موارد التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي كانت اليمن في أمس الحاجة إليها إلى مجالات تطوير الأمن العام.


 


  • إقرا ايضاً